فسير سورة العلق من كتاب صفوة التفاسير
سورة العلق وتسمى سورة اقرأ مكية وهى تعالج القضايا الاتية:
اولا: موضوع بدء نزول الوحى على خاتم الانبياء محمد صلى الله عليه وسلم.
ثانيا: موضوع طغيان الانسان بالمال وتمرده على اوامر الله.
ثالثا: قصة الشقى ابى جهل ونهيه الرسول صلى الله عليه وسلم عن الصلاة.
بسم الله الرحمن الرحيم
( اقرأ باسم ربك الذى خلق خلق الانسان من علق اقرأ وربك الاكرم الذى علم بالقلم علم الانسان مالم يعلم كلا ان الانسان ليطغى ان رءاه استغنى ان الى ربك الرجعى أرأيت الذى ينهى عبدا اذا صلى أرأيت ان كان على الهدى او امر بالتقوى ارايت ان كذب وتولى الم يعلم بأن الله يرى كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية فليدع ناديه سندع الزبانية كلا لا تطعه واسجد واقترب)
علق: جمع علقة وهو الدم الجامد.
نسفعا: الجذب بشدة.
الناصية: شعر مقدمة الرأس.
الزبانية: مأخوذ من الزبن وهو الدفع والمقصود به ملائكة العذاب.
(اقرأ باسم ربك الذى خلق): هذا اول خطاب الى النبى صلى الله عليه وسلم وفيه دعوة الى القراءة والكتابة والتعلم لانه شعار دين الاسلام اى اقرأ يا محمد مبتدئا ومستعينا باسم ربك الجليل الذى خلق جميع المخلوقات واوجد جميع العوالم.
(خلق الانسان من علق):اى خلق هذا الانسان بديع الشكل الذى هو اشرف المخلوقات من العلقة وخص الانسان بالذكر تشريفا له.
(اقرأ وربك الاكرم): اى اقرأ يا محمد وربك العظيم الكريم الذى لا يساويه ولا يدانيه كريم وقد دل على كمال كرمه انه علم العباد مالم يعلموا.
(الذى علم بالقلم علم الانسان مالم يعلم): اى الذى علم الخط والكتابة بالقلم وعلم البشر مالم يكونوا يعرفونه فانه يعلمك بلا واسطة وان كنت اميا لاتقرأ ولا تكتب.
(كلا ان الانسان ليطغى): اى حقا ان الانسان ليتجاوز الحد فى الطغيان واتباع هوى النفس ويستكبر على ربه عز وجل.
(ان رآه استغنى): اى من اجل ان راى نفسه غنيا واصبح ذا ثروة ومال اشر وبطر.
(ان الى ربك الرجعى): اى ان ربك ايها الانسان المرجع والمصير فيجازيك على اعمالك وفى الايه تهديد وتحذير لذلك الانسان من عاقبة الطغيان ثم هو عام لكل متكبر وطاغ.
نزلت هذه الايات فى ابى جهل بعد نزول صدر السورة بمدة طويلة وذلك ان ابا جهل كان يطغى بكثرة ماله ويبالغ فى عداوة الرسول صلى الله عليه وسلم.
(أرأيت الذى ينهى عبدا اذا صلى): تعجيب من حال ذلك الشقى الفاجر اى اخبرنى يا محمد عن حال ذلك المجرم الاثيم الذى ينهى عبدا من عباد الله عن الصلاة ما اسخف عقله وما اشنع عمله.
اجمع المفسرون على ان العبد المصلى هو محمد صلى الله عليه وسلم وان الذى ينهاه هو اللعين ابو جهل حيث قال: لئن رأيت محمدا يصلى لأطأن على عنقه.
(أرأيت ان كان على الهدى): اى اخبرنى ان كان هذا العبد المصلى الذى تنهاه عن الصلاة صالحا مهتديا على الطريقة المستقيمة فى قوله وفعله.
(او امر بالتقوى): اى اوكان امرا بالاخلاص والتوحيد داعيا الى الهداية والرشاد كيف تزجره وتنهاه؟وما اعجب هذا؟
(أرأيت ان كذب وتولى): اى اخبرنى يا محمد ان كذب بالقران واعرض عن الايمان.
(الم يعلم بان الله يرى): اى الم يعلم ذلك الشقى ان الله مطلع على احواله مراقب لافعاله وسيجازيه عليها.
(كلا لئن لم ينته): اى ليرتدع ذلك الفاجر عن غيه وضلاله فواله لئن لم ينته عن اذى الرسول ويكف عما هو عليه من الضلال والكفر.
(لنسفعا بالناصية):اى لنأخذ بناصيته فلنجرنه الى النار بعنف وشدة ونقذفه فيها.
(ناصية كاذبه خاطئة): اى صاحب هذه الناصية كاذب فاجر كثير الذنوب والاجرام.
(فليدع ناديه): اى فليدع اهل ناديه وليستنصر بهم).
(سندع الزبانية): اى سندعو خزنة جهنم الملائكة الغلاظ الشداد.
روى ان ابا جهل مر على النبى صلى الله عليه وسلم وهو يصلى عند المقام فأغلظ له رسول الله القول فقال ابو جهل: بأى شىء تهددنى يا محمد! والله انى لأكثر اهل الوادى هذا ناديا فأنزل الله تعالى هذه الايه.
(كلا لا تطعه): اى ليرتدع هذا الفاجر ولا تطعه يا محمد فيما دعاك اليه من ترك الصلاة.
(واسجد واقترب): اى وواظب على سجودك وصلاتك وتقرب بذلك الى ربك وفى الحديث(اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد).